حتى تتحقق مطالبنا

حتى تتحقق مطالبنا

احصائيات المدونة

مش مهم

المتابعون

القائمة البريدية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إلى الشعب السوري الشقيق البطل

لقد بدأت الثورة فعليا 
فلا يجب التراجع الآن
ولكن لكي تنجح وتؤتي ثمارها 
يجب على بقية المدن أن تخرج وتثور 
خففوا الضغط عن درعه المحاصرة حاليا
 لا تتركوا أخوانكم فريسة سهلة لهم
لا تقصروا فتحملوا أوزارهم
هم خرجوا بحثا عن حياة كريمة 
لسوريا كلها وليست لهم فقط

فاخرجوا بالملايين في كل المدن 
ودافعوا عن ثورتكم
ضعوا الجيش أمام الاختبار الأصعب الذي لا مفر منه
إما الانحياز للشعب أو فقدان مشروعيته

نعم ،،
ستمر أيام حزن وقتل ودمار
وستراق الكثير من الدماء 
وستشيعوا الكثير من الشهداء

ولكن هذا ثمن النصر
فأخلصوا نياتكم وأصلحوا أعمالكم

وسيأتي النصر لا محالة
وكل الأمور تجري بمقادير الله
ولا راد لقضائه

سبحانه 
يؤتي الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء


...تابع القراءة

 
اليوم في جمعة عظيمة بسوريا
ارتقى المزيد من الشهداء
رأيت صور صادمة لشهداء شوهت أجسادهم
برصاص مجرم آثم
أطلقة من لا يرقب في شعبة إلا ولا ذمة
أطلقه أناس نزعت منهم الرحمة والرأفة بالكلية

دائما كنت أسأل نفسي والأحداث على اشدها في مصر
لماذا يتعمدون إصابة الرأس والقلب
لماذا يتعمدون القتل وإزهاق الأنفس
بأي حق يستحلون دماء المسلمين

ولكن لا عجب
إنهم أعوان الطغاة 
أنهم جنود فرعون وهامان الخاطئين
 الذين يخلصون لهم بدرجة عجيبة 
ويقوموا بما لا يستطع الشيطان نفسه القيام به

وبعد هذا ،
ما الذي نتوقعه من أمثال هؤلاء المجرمين
أن يتوبوا مثلا !!!!
إنهم سيموتون على ما عاشوا عليه ومن أجله
من فسق وغش وسرقة وإجرام
حتى يلقوا الله خائنين
ويقتص منهم 

إن دعوات الشهداء والمظلومين والأرامل 
ستظل لعنة تبث غضبها على النظام النصيري المجرم
حتى يكون عبرة لمن يعتبر

أتوقع لسوريا ارتقاء المزيد من الشهداء
 وامتداد رقعة المظاهرات في بقية المدن 

 فاستعينوا بالله  أولا
واصبروا وصابروا ورابطوا 
واتقوا الله 
وبإذن الله ينتصر الحق المبين
...تابع القراءة

  أصولي .. أصولي (1)

أصولـــيٌّ .. أصولـــيُّ ..... أجل، أنا لا وصوليُّ
أصولـــيٌّ، فلـي أصلي ..... ولي نسبي الحنيفيُّ
وأصل أصولـــيَ القرآ ..... نُ، دستوري الإلهيُّ
وسنة أحمد المختــــا ..... ر لــي زادٌ، ولي ريُّ
وقانونـــي شرعُ اللــ ..... ـه، لا الشرعُ الفرنسيُّ
فمــــا يقضيه مَقضيُّ ..... ومــــــــــا ينفيه مَنفيُّ
ولائــــــي كله للــــــــ ..... ـه، لمْ يشركْ بــه شيُّ
أعادي من يعاديــــــه ..... ومنْ يرضــــاه مَرضيُّ
سبيلــــي الرشدُ أسلكه ..... وليس سبيلــــيَ الغيًّ
ومنهاجــــي سماويٌّ ..... ونهج سواي أرضــــيُّ

أصولي .. أصولي (2)

أصــوليّ .. أصــوليّ ..... فدعنـــي يا وصــوليُّ
أصــوليّ، عميق الجذ ..... ر، لا كسواي سطحيُّ
لأصلي أنــــــا مشدودٌ ..... بأصلي أنــــــا محميُّ
هوايَ وعشقــيَ الإسلا ..... مُ، لا لبنــــى ولا ميُّ
وأهلي أمــــــــة الإسلا ..... مُ، لا قيسٌ ولا طــــيُّ
أئن لهـــــم إذا مرضوا ..... وأحيــــا إن همو حيّوا
وأشدوا إن همو فرحوا ..... وأبلغ إن همـــو عيّوا
وينزف منّيَ الدم حيــ ..... ــن يُجرح ثـَــمَّ بوسنيُّ
وأصرخ: آهٍ، حيـن يشا ..... كُ جامـــــيٌّ وكرديُّ
ويغلي مرجلي إن مُــ ..... ــسَّ حول القدس قدسيُّ

أصولي .. أصولي (3)

أليسوا إخوتي في اللـــــــــــه، بل هم جسدي الحيُّ
أصـــوليٌّ .. أصــــوليُّ ..... برغمك يـــــــا ضلاليُّ
أنا باللــــــــــه منصورٌ ..... أنا باللـــــــــــــه مكفيُّ
ولا أطمع في دنيــــــــا ..... أنا بالخلـْـــــــــد معنيُّ
ولا أخشى سوى ربــي ..... وهل يخشى الفدائـــيُّ
أنا للـــــــــــــه لا للغر ..... ب أو للشرق مسْـبـــيُّ
أنا للخيـــــــــر لا للشــ ..... ــر والشيطـــان جنديُّ
أنا للنــــــاس كل النــــا ..... س، لا كسواي عرقيُّ
وكل الأرض أوطانـــي ..... شمــالٌ أو جنوبــــــيُّ
وكل الناس إخوانـــــي ..... شرقـــــيٌّ وغربـــــــيُّ
سأدعوهم لديـــن اللــــــــــــه، ذا نهجـي الحضاري
أقودهمــــو بخيط الحــ ..... ــب إن الحب سحـــريُّ
وليس العنف من نهجي ..... بل النهـــــج الحِواريُّ

أصولي .. أصولي (4)

أصــوليّ .. أصــوليّ ..... فأقصر يا فضوليُّ
إلى التوحيــد أدعو لا ..... لمــا يدعو الخرافيُّ
وألزم هدي أحمدنــــا ..... وإن جافــــاه بدعيُّ
وأرعى أمر ربي فإن ..... من يرعـــاه مرعيُّ
وأعلي رايـــة الإسلا ..... م مهما قيل: رجعيُّ
ولا يثني عناني عنـــ ..... ــه سفـــــاح تتاريُّ
لسان نظامــه الكربا ..... ج والتعذيــب والكيُّ
ولا قلم خؤون الفكـــ ..... ــر بالدولار مشريُّ
يســــاريٌّ إذا شاؤوا ..... وإن شاؤوا يمينـــيُّ
ولا وغد عميلٌ، ربـــ ..... ــه المعبود كرسيُّ
يحركــــــــــه يهوديٌّ ..... ويأمــــــره صليبيُّ
وفرعون الإمام لــــه ..... وهامـــان الحواريُّ
ومفتيـــــــــه مسيلمة ..... وخازنــــــه حراميُّ
...تابع القراءة

حدثنا همام بن سلاَم قال: سألت أبا الطرائف عن القذافي، أشخصٌ يرَى أم كائن خرافي؟ صِفْ لنا أحواله، وشمائله وأطواره! 
فقال أبو الطرائف: له شعر كثيف، وعقل خفيف. مصعرُ الخدّ، ليس لكلامه حدّ. يعشق الهذيان، وتحرُسه النسوان. 
له كتاب أخضر، وولد أسمر. وآخر أبيض، أيد وأعرض. فيه إسراطين، ووحيُ شياطين. كثيرُ البجح، قليل النجح. 
حمقه طفح، عتهه رَجح. سيان بسم أم كلح. تتبعه خيمة، وتُرهبه غيمة. إذا خلا صرخ، وإذا نازل رضخ.

عالمٌ نحرير، بكل أمرٍ بصير. يترنحُ كسكران، أو كشارب شوْكران. واعظٌ خطيب، بيطري طبيب. سياسي أريب، 
كاتب أديب. فنان حكيم، خبير عليم. إذا حدَّث أطال، وإذا صمت جلى وجال. كلامُه ريح في قفص، فعلُه جربٌ على برَص. 
كلامٌ كالعسل، وفِعلٌ كالأَسَل. حديثٌ ليِّن، وظُلم بيِّن. إذا رضِي أنال، وإذا سخط أقال. إن سئل تمنع وجادل، 
وإذا أُكرِهَ مَنح فأزجل. 

مَلكُ الملوك، رَبُّ كل صعلوك. زعيمٌ ثائر، رئيسٌ حائر. قائد فاتح، ثورٌ جامح. يبيع النفط،
إذا تكلم عَفَط. يَحكُم بلا حكومة، أُبُوَّةً وأمُومَة. ليس له وزير، لا نائب ولا أمير. حلَّ البرلمان، 
أرضُه أمان. له مؤتمرات ولِجان، وإنسٌ وجان، وهو الملك الديان. معشوقُ الجماهير، 
صاحب المناكير. غريبُ الزّيِّ، يُداوي بالكَيّ، يغلبُه العيّ، فيُبرِمُ الحَيّ. 

عارضُ أزياء، وائدُ أحياء. لا رادَّ لحُكمه، يموت بسُمِّه. كثيرُ السَّقَط، سريعُ الشطط. يُقْدِم كعنتر، ويتبخرُ كزعتر.
يُثْنَى عليه ويُمْدَح، لا يُشارُ عليه ولا يُنْصَح. يَفخر بالعرب، ويُمجِّدُ النسب. ومنهم هرب، وعنهم غرب، 
إلى حيث "بامبارا" و"باسا"، و"الزولو" و"الهاوسا". رُتبتُه عقيد، دماغُه حديد، على أهله شديد، وفي الجدِّ رِعديد. 
حَكم فوق الأربعين، أحمقُ من راعي ضأن ثمانين. سرق الكرسي، مِن عند السَّنوسي. 

احتجَّ مع الناس، مرفوعَ الراس، لإسقاط القذافي، ثالثةِ الأثافي. قاتَلَ بنغازي، واستقبلَ التعازي. ضرب وبكى، 
سبق واشتكى. أُدِينَ فأنْكَر "لوكربي"، وقال لستُ أنا يا ربِّي! لكنْ دفع العِوَض، سخاءً بلا مَضض. 
صارع "ريجان"، بكلام رنان. ووعيدٍ وخُطب، وسبٍّ وصخب. بقبقةٌ في زقزقة، أحمقُ من هبَنَّقة. كالمهدِّر في العنة، 
مبتدعٌ في سُنَّة. فأسْكتَتْهُ قنبلة، فانحنى كسُنبلة. استقدم المرتزقة، من بلاد الأفارقة، ليحارب ابنَ البلَد، بصبر وجلد.

واستقوى ب"سيف الإسلام"، بيده السيف والإعلام. 
وابنُه "هانيبال"، هانئ البال، قبيحُ الفال، يبذل المال، ليسترِقَّ الناس، على رقصٍ وكاس. يُمَرِّضُه الأُكْرَان، 
مع الشقراء نَشوان. قلبُه في كوبا، أَحبُّ إليه من طوبى. أضلُّ من ضَبّ، ألسع من عقرب، أعدى من الجرَب.
أغشمُ من السيل، أفظع من الويل، أخبط من حاطب ليل، يتمايل كالذيل. أقسى من صخر، أغدر من غدير، باللَّعن جدير. 
وجهُ الحيزبون، حُكمُ الدَّيدبون. أخفُّ من الهباء، يتلوَّنُ كحِرباء.

يصمت دهرا، ويَنطق كُفرا. يهرِفُ بما لا يعرف، يُبَذِّر ويُسرف. يُحلِّق بنظراته، كفيلسوف في خلَواته. تارة مع العرب، ثم تراه هرب. وطورا مع الأفارقة، ولَو في شمس حارقة.. فالإخوان زنادقة، والطائفة مارقة. أهل اليسار عار، واليمين شنار. مُجدد الإسلام، ومُصلح الأنام. يفخر بالمختار، ولمعمر أسرار. وأنَّى لمعمر أن يدرك عمر؟ وهل يحجبُ نورَ الشمس قمر؟ يسعى إلى حَكْيِه سعيا، وهل يبلغ الثرى الثريَّا؟

يطلق على رعيته الرصاص، وينادي القصاص القصاص! سفَّاح مجرم، ثائر مسلم. خَطَب فقال: "أيها الفئران! يا قطط يا جرذان! إما هُلْكٌ وإما مُلك. أقاتلُكم حتى آخر رصاصة، وأمصُّ دمَكُم وليس بي خصاصة". أليس "قذاف الدّم"، والغِلِّ والسُّمّ؟
قال همَّام بن سلام: حَسْبُك حسبُك! أهذا القذافي؟ وغيرُ خُرافي؟! قد حيَّرتَ أربابَ القوافي، اشفِنا يا شافي! نسألُكَ العوافي! لقد قلتَ فيه ما لم يقل مالِك في الخمر.

قال أبو الطرائف: فهذا البادي والخافي، في وصف القذافي. 
قال همَّام بن سلام: لله درُّك! والله ما رأيت إنسيا كهذا قَط، يعدو وحده ثم ينط، أسدٌ تارة وطورا قِط، أخسُّ من الذَّر وأحطّ. ثم أنشأ يقول:
هذا القذى في عينـــه** لا يُرتجى رَدُّ الرَّدى
خُذْ قبضة من طيننا ** اضربْ بها رَجْعَ الصَّدى
اقذفْ به وجهَ الذي** مِن جَوْره جاز المدى
مُستكبِرٌ مُستقبَح** أقبِحْ به أعدى العِدى!
...تابع القراءة

أنت مصر
عدنان إستيتيه ( أبو يعرب )

كـنـانـة َالله أنـتِ الـذُّخـرُ والسندُ
يـادُرَّة  َالـكـونِ والـدنـيـا وزينتها
فـيـكِ  الـخـلـودُ وماء ُالنيل ِكوثرُه
قـد كـنـت ِتـاجاً وهامُ الكون ِموْطئُهُ
أصـغـى لـكِ الدهرُ اذ طافتْ بساحته

مـن عـهـد "مـينا""وأخناتونَ"قد عقدا
عـصـفتِ يوما ًبذي القرنين واقتحمتْ
صـبـرْتِ يـا مصرُ والطغيانُ مستعرٌ
قـد  طـافَ فيكِ مطاف ُالمجد ِمتشحاً
شـيـدْتِ  يـا" مِصْر ُ"مجداً لا نديدَ له

يـادرة  َالـحـق ِّمـا هانَ الأبيُّ وان ْ
يـا  مـصـرُ أنت بجند الحق شامخة
فـاستحضري مجدَ من عزَّت صحائفهم

كـنـانـة  َالله قـد حان الخلاص فلا
لا تـأمـنـي البغيَ فالطاغوتُ ذو قلبٍ
ان َّالأفـاعـي وان لانـت مـلامسها
لا بـارك الله فـي حـشـد الطغاة ولا
نـامـت نـواطـيرُ مصرٍ عن ثعالبها"
مِـنْ  عـصـبةٍ حكمت والسلبُ ديدنُها
واسـمـتـرأ  البغيَ مَنْ حلُّوا بساحتها

يـا مـوطـنا ًراق َبالأمجاد وازدهرت
قـد كـنـتَ فـيـنا منارا ًعزَّ جانبه
وكـنـت  َحصنا اذا ما الخطْبُ داهمنا
انـاّ لـنـعـشقُ" مصراً" وهي هادرةٌ
ونـعـشـقُ النيلَ فيها وهو مضطربٌ

يا" مصرُ"أنت الهوى والعشقُ فيكِ رضا
قـودي بـعـزمـكِ أرتـال َالكماة ِفقد
يـا  مـصـرَنـاأنتِ أمُّ الكون مرسلةً

دومـي بـعـزِّكِ أرضَ الحشدِ عامرة ً
ولـتـحـفظي  العهدَ للغرِّ الذين قضوا
تـرنـو  الـيـك ربـوعُ القدس ِباكيةً
فـيـكِ الـرِّيـادة.ُ.فـيك ِالعزمُ والجَلدُ
مـاهـنتِ يوماً لمَن خانوا ومنْ جحدوا
مـنْ  لَم ْيرِد ْمنك ِماءَ النيلِ ..هل يرِدُ؟
يـزهـو بك ِالدهرُ:أنتِ المصرُ والبلدُ
بـشـائـرُ النورِ حلت ْ؛ فاستوى الأَبدُ

عـهـداً لأمـجـادِ منْ بادوا وما أبدُوا
جـحـافـل ُالـحـقِّ تعلو وهي ترتعدُ
كـالـقـابـضِ ِالجمرِ حين الجمرُ يتقدُ
عـزّا ًبـه شـيـدَت الأهـرامُ والعمد
وقـدتِ ركـبـاً وبـنـدُ الـحقِّ مُنعقدُ

تـعـاظـمَ الـشـرُّ أو أرخى له الأَمدُ
يـفـديـك  مـنا النفيسُ :المال ُوالولدُ
"مـن يـطلب المجدَ لا تكبو به الجدَدُ"

يـزري  بكِ الضيم ، ولتشمخ بك العدَدُ
ولـتـسحقي البغيَ.. بئس البغيُ ما يعدُِ
تـخـفـي مـن السم ما يرْدي وما يئدُ
أبـقـى  لأمـرهـم ُأمـراً بما حشدوا
واسـتـحـكم الشرُّ فيها واعتلى الزَّبدُ”
بـئـسَ الـعصابة ُفد ضلوا وقد فسدوا
وهـي الـعـزيـزة فـيها المَد ُّوالرَّفدُ

فـيـك الـمـرابـع والأيـامُ والأُبـدُ
نـهـفـو  الـيـكَ.. وهل الاّكَ نفتقدُ؟
والـعَـزْمُ  فـيـكِ اذا مادتْ بنا الشدَدُ
تـحـمـي الـذِّمارَ ففيها الحشدُ والمدَدُ
يـسـقـي رباها..ففيضُ الخير ِما نجدُ

فـيـك  ِالـسـكينةُ والرضوانُ والخلدُ
آنَ الـقـصاصُ بمَن ْضلوا وما رشدوا
نـورَ الـهـداية..أنتِ الخصبُ والرّغدُ

والـعـزم  ُفـيـكِ وعـزم ُالله ِفيكِ يدُ
عـهـداً أغـرَّ فـنـعم َالعهدُ ما عهدوا
كـونـي  لها السيفَ..أنت ِالجاهُ والسنَدُ

...تابع القراءة



الدين ثم الوطن
د. سعيد رمضان

لقد دأب ساسة مصر في سبيل جمع الشمل على تقديم المعني الوطني على ما سواه وبلغوا في ذلك أنهم قالوا للمسلم والقبطي : وطنك أولا ودينك بعد ذلك وظنوا أنهم بذلك يحققون المراد ، ونحن نعتقد أنها محاولة فاشلة وغير كريمة وخطرة على المسلم والمسيحي على السواء ، فإن المسلم يقرأ في قرآنه " {قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكمْ وَأَبناؤُكمْ وَإِخوَانكم  وَأَزْوَاجكمْ وَعشيرَتكمْ وَأَموَالٌ اقترَفتموها وَتجارَةٌ تخشوْنَ كسادَها وَمساكنُ ترْضوْنها أَحبَّ إِليْكمْ منَ اللَّهِ وَرَسولهِ وَجهادٍ في سبيلهِ فترَبصوا حتى يأْتيَ اللَّهُ بأَمرِهِ وَاللَّهُ لَا يهدِي القوْمَ الْفاسقينَ} [التوبة : 24] 

وإن القبطي يقرأ في إنجيله " ابغض كل شئ ، لا تحب إلا الرب " فكيف يجوز أن يقول مسلم أو قبطي : وطني أولا وديني بعد ذلك ، انه إما أن يكون كذبا مع ربه فلن يصدق معك أبدا وإما كاذب عليك ولا تستقيم وحدة أساسها الكذب ، ان أثر الدين في أنفس الناس أعمق مما يظن الساسة اللهم إلا أن المقصود أن يجرد الدين من سلطانه وهذا – فضلا عن أنه وهم – فهو جناية رهيبة على الضمير الانساني الذي لا يمسكة الا وازع الدين ولا نظن أنفسنا بحاجة إلى التدليل الطويل على أن التاريخ الانساني لم يشهد مجتمعا فاضلا لا دين له.

فكيف السبيل إلى اجتماع الناس:
السبيل الذي لا سبيل غيره هو أن ننشد الصلة الحقيقية بين المسلمين والأقباط باسم الدين – لا على حسابه - فنقول للمسلم اقرأ قرآنك واذكر فيه قول الله " {لَا ينهاكمُ اللَّهُ عن الذِينَ لمْ يقاتلوكمْ في الدِّينِ وَلمْ يخرِجوكمْ منْ دِيارِكمْ أَنْ تبرُّوهمْ وَتقسطُوا إِليهمْ إِنَّ اللَّهَ يحبُّ المقسطينَ} [الممتحنة : 8]

ونقول للقبطي اقرأ انجيلك وتقرب إلى ربك باتباع ما فيه من تعاليم المسرة والمحبة والسلام ، اننا إن فعلنا ذلك أقمنا الدين حارسا على اجتماع الشمل المنشود وحللنا عقدة النفاق بين المسلم والقبطي ولم يعد أحدهما يتكلف ليخفي ما بينه مبين الله الذي خلقة وخلق وطنه والدنيا جميعا.

ان محاولة جمع الشمل على هذا الأساس يجد من الإسلام كل عون وسند فالمسلم مطالب أن يؤمن بكل نبي سبق ، بل إن دينه ليأمره أن يتتلمذ على عيسى عليه السلام " يا أَيهَا الذِينَ آمنوا كونوا أَنصارَ اللَّهِ كما قالَ عيسى ابنُ مرْيمَ للحوارِيينَ منْ أَنصارِي إِلى اللَّهِ قالَ الحوَارِيونَ نحنُ أَنصارُ اللَّهِ"[الصف : 14]  
 ، ويفرض عليه – في نور هذا الإيمان السافر – العدل بين الناس جميعا وتفويض الأمر فيما وراء ذلك لله " {فلذَلكَ فادْعُ وَاستقمْ كما أُمرْتَ وَلَا تتبعْ أَهوَاءَهمْ وَقلْ آمنتُ بما أَنزَلَ اللَّهُ منْ كتابٍ وَأُمرْتُ لِأعدِلَ بينكمُ اللَّهُ ربنا وَربكمْ لنا أَعمالنا وَلكمْ أَعمالكمْ لَا حجةَ بيننا وَبينكمُ اللَّهُ يجمعُ بيننا وَإِليهِ المصيرُ} [الشورى : 15]

نشر بمجلة صوت الشباب سنة 1952م.
...تابع القراءة


تعتيم إعلامي
ونفاق حكومي
وتخاذل عربي معتاد
ولا أحد يدرى ما الذي يحدث هناك
 كم عدد القتلي والجرحي المصابين
في كثير من المدن السورية تسيل دماء أخوة لنا
وتلك ضريبة الحرية

ما زال هذا الشعب يئن تحت وطئة الظلم
ظلم عشرات السنين من أحفاد النصيرية التي تحكم هذه البلد وتعبث بمقدراتها

تسلموا السلطة بانقلاب 
وكان أكبر إنجازاتهم بيع الجولان
وكان جل همهم القضاء على أهل السنة

قتلوا الآلاف وارتكبوا العديد من الجرائم التي تندى لها الجبين
بل تتضاءل أمامها جرائم الصهيونية في فلسطين

ألم يقم حافظ الأسد وأخوه رفعت بقتل 1500 مسلم في سجن تدمر في ليلة واحدة
بل تكفي مجزرة حماة التي قام فيها الجيش بعمليات إبادة أدت لمقتل عشرات الآلاف
وغيرها ممن نعلمه ولا نعلمه

فأي نفسية دموية تلك التي تقدم على القيام بمثل تلك الأفعال

لم يتغير شئ من حينها
الجيش كما هو ورؤوس النظام الفاسدين كما هم
لقد قاموا سابقا بقتل الآلاف للانتقام
فكيف وهم الآن يدافعون عن وجودهم واستمرارهم
سيكونوا مستعدين للقيام بعشرات المجازر 

لقد خرج من سوريا في العصر الحديث رجالات ملئوا الدنيا بصوتهم وجهادهم
كالدكتور السباعي وعصام العطار و شيخ حماة محمد الحامد وسعيد حوى ومروان حديد
وغيرهم

وها نحن الآن ننتظر الأبطال والمجاهدين الجدد
ليخرجوا من حيث خرج أسلافهم 
ويعيدوا لسوريا مكانتها ومجدها

وما ذلك على الله بعزيز
وهو مولانا ونعم النصير

 ياشام ياشام ياارض المحبينا         هان الوفاء وما هان الوف فينا
نحيا على البعد اشواقا مؤرقة         لا الوصل يدنو ولا الايام تدنينا
ياشام جرحك في قلبي اكابده          دما سخيا ة وآلاما افانينا
ياشام اين لقاءات الصفيينا            واين سامرنا الماضي ونادينا
واين ياشام ريعان الشباب            وقد امسى الشباب رمادا بين ايدينا
ايامنا في سبيل الله عاطرة           وفي مناجاته طابت ليالينا
كنا الشموس بارض الشام           مشرقة كنا الغيوث ربيعا في روابينا
كنا الحصون بارض الشام          شامخة فيها الحماة اذا عز المحامونا
كنا الجبال ثباتا في مواقفنا         كنا السماء سموا في معانينا
ياشام هذي تباريح البعيدينا         ياشام هذي شجون المستهامينا
ياشام قد عظمت قدرا مطالبنا       ياشام قد بعدت شأوا مرامينا
ياشام لا تجزعي غالله راعينا      ياشام لاتيأسي فالله كافينا
يميتنا الحزن تفكيرا بحاضرنا      ويبعث الغد آمالا فيحيينا



...تابع القراءة


                        لامرأةٍ أعشقها
                                                   جعفر عبد الله الوردي

إنـي  أنـثـرُهـا أشـجاني
إنـي أنـثـرُهـا كي تحكي
حـبٌّ  يـغـشـانـي لامرَأةٍ
لامـرَأةٍ مـا زَالـتْ تـدنـو
لامــرَأةٍ لــولاهـا مـتُّ
لامـرَأةٍ عـيـنـاهـا بـحرٌ


يـا  كـلَّ كـيـاني وحياتي
مـا زِلـتُ أُداعـبها قلبي
وأَقـولُ  لـحـسـنٍ أَرهقني


يـا وَردًا يـنـثـرني عطرًا
مـلـي  إنْ حـكـمَ بـبـعدٍ
ضـمـيـنـي نحوَكِ سيدَتي
أَرَّقـنـي بـعـدُكِ مـولاتي


مـن  يـمسحُ دَمعا إنْ سكبتْ
مـن  يـضمدُ جرحي من أَلمٍ
كـيـفَ يـقـولونَ لأورِدَتي
كـفـي عـن مـدحـتها إِنا


مـا  عـلـمـوا أَني أَعشقها
مـن عـهـدِ ملوكٍ قد حكموا
عـهـدٌ  مـا كـانَ بمملَكتي
نـزَفـتْ مـن بـعدِكِ أَيامي
ورَضـيـتُ بـقـسمةِ خالقنا
ودَعـوتُ  اللهَ إذَا حـضرتْ
أَن  يـجـعـلَ رُوحي تفدِيها


فـلـكِ  الأَمـلاكُ وما حملتْ
وعـلـيـكِ حـمائمنا صلتْ
يـا مـمـلـكـةً مـن إِيمانٍ
فـخـذِي قـلـبي يا ملهمتي
مـا  بـيـن القاصي والدَّاني
حـبـا يـغـشـاني يغشاني
تـمـلـك عـنـوانَ العنوانِ
وتـزيـدَ حـنـانـي بحنانِ
وغـدَوتُ بـعـالـم نـسيانِ
وأَنـا تـلـمـيـذُ الـشطآنِ


يـا  نـبـضـا وقدَ أشجاني
وأَمـدُّ جـسـورًا لـجـناني
يـا حـسـنـا فقتَ بإحسانِ


مـلـي إنْ جـارتْ أَزماني
مـلـي يـا كـلَّ الـخـلانِ
وأَذِيــبـي كـلَّ الأَحـزَانِ
وغـدَتْ آلامـي جـيـرَاني


قـطـراتُ الـعـينِ كنيسانِ
إنْ صار الجرحُ مع الجاني ؟!
كـفـي عـن مـدحةِ سلطانِ
نـكـفـيـكِ  حـنانا بجنانِ


مـن عـهـدٍ قـبلَ الأَكوانِ
مـن قـبـلِ وُجـودِ الإِنسانِ
إِلاهـا يـحـكـم أَعـوَاني
وغـدَتْ مـقـطوعةِ شريانِ
وخـضـعـتُ لأَمرِالرَّحمنِ
رُسـلٌ مـن عـنـدِ الـدَّيانِ
ويَـزِيـدَ الـعـمرَ بِنُقصَانِ


مـن نـورٍ عـزَّ وإِيـمـانِ
وجـمـيـعُ صنوفِ الحيتانِ
يـا  رُكـنَ عـطـاءِ المنانِ
وخـذِي شـعـرِي في أَلحانِ
...تابع القراءة

هل نحتاج فعلا لإعادة صياغة تاريخنا من جديد
مع المقال لنعرف وجهة نظر كاتب المقال


لابد لنا من أن نقدم مقدمة موجزة تكون بمثابة التمهيد لما نقدمه من أثر جديد في كتابة ما قد نضطلع على تسميته تاريخاً، وليس بالتاريخ – في المعنى الدقيق للتاريخ- بل هو أقرب ما يكون إلى السير، كتبت في إيجاز واقتضاب لأسباب وجيهة فرضت هذا النمط من التأليف على الدكتور السباعي، منها:
1- كثرة مشاغله.
2- عدم تخصصه.
3-  وطأة الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتقه.
4- مرضه.
5- كون بعضها كتابات صحفية.
ولكن السباعي بما أوتي من جوانب العظمة، والحس المرهف، استطاع أن يقدم شيئاً وشيئاً ثميناً فيما كتب وحاضر، وسنرى هذا على ضوء ما يأتي.
* *  *
لقد أكد أكثر الباحثين في التاريخ العربي، والمصلحين، وكبار المثقفين العرب والمسلمين المهتمين بهذه الأمة، وقضاياها المصيرية، والمتطلعين إلى انتشالها من الوهدات السحيقة التي تردت فيها على مدى قرون – أكد كل هؤلاء على ضرورة إعادة كتابة تاريخنا العربي من جديد، لأسباب كثيرة، ذكرها هؤلاء، وأبدوا ملاحظاتهم على تاريخنا القديم، والمنهج الذي ينبغي على من سينهض بهذا العبء، أن يتبعه – من هؤلاء المستشرق الفرنسي جاك بيرك، والدكتور نور الدين حاطوم، والأستاذ محمد عزة دروزة، والأستاذ محمد المبارك، والأستاذ الشهيد سيد قطب، والأستاذ محمد الخير عبد القادر، والدكتور عماد الدين خليل، وسواهم، ممن لا تحصيهم مثل هذه المقدمة.
فالأستاذ محمد عزة دروزة يرى ضرورة كتابة تاريخنا من جديد، كما يرى ضرورة تبيين الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها أسلافنا، ليتجنبها الجيل الجديد ولا يقع فيها. (والطريقة المثلى، بالنسبة لذلك، هي تمحيص المصادر، والتروي بها، ومقارنة بعضها ببعض، بأعين وأقلام متجردة من الغرض والهوى، وبعقول ثاقبة حذرة، مع النظر إلى الأحداث بنظرة الظروف التي حدثت فيها، لا بنظرة الوقت الذي بكتب فيها التاريخ الجديد(1)).
والدكتور حاطوم يعتقد "أن واجبنا القومي والعلمي في نهضتنا الحالية، يحتم علينا الكشف عن حقيقتنا التاريخية الأصيلة في تراثنا التاريخي العظيم، لنرد التهم، وندفع الباطل والريب، ونبرز هذه الحقيقة سليمة من كل شائبة"(2).
أما الأستاذ محمد المبارك فإنه يرى الضرورة ملحة لإخراج تاريخنا في ثوب جديد، لأنه قد أصيب بآفتين:
إحداهما: ما أصابه من إسفاف وسطحية في عصر الانحطاط الأخير.
وثانيتهما: وهي أدهى وأمر، ما أصابه بسبب التقليد الأعمى للتاريخ الأوربي ومفاهيمه، ونقل مشكلاته نقلاً، والتأثر بنظرات أعدائنا تارة، أو الأجانب الذين لا يحسنون فهم تاريخنا، وأحكامهم الخاطئة، أو المدسوسة من المؤرخين الأوربيين والمستشرقين، تارة أخرى.
نحن في حاجة إلى نظرة واعية صحيحة لتاريخنا، مطابقة لذاتيتنا، فيها استمرار لمثلنا العالية، منسجمة مع مفاهيمنا ونظراتنا، ترينا مفاخرنا الصحيحة حتى ننتزعها ونكملها، وعيوبنا وأخطاءنا حتى نجتنبها، ولا يكتفي الأستاذ المبارك بإبداء مثل هذه الضرورة، بل يضع شروطاً ومبادئ يجب التزامها ومراعاتها وهي:
1- الفهم الصحيح لتاريخنا وخصائصه.
2- استجلاء منطق هذا التاريخ، دون تشويهه بفرض مذاهب جديدة عليه، أو تفسيره بواسطة نظريات غريبة عنه، أو الاندفاع فيه بدافع العصبية.
3- تقويمه بمقاييس إنسانية مشتركة، وتحديد موقع حضارتنا من الحضارات العالمية الأخرى.
4- إحياء التراث، وجمع المصادر لاستجلاء هذا التاريخ استجلاء صحيحاً.
وهو عندما يلح على هذا الإخراج الجديد، يعرف أن دراسة التاريخ دراسة موحية وموجهة وحافزة – وإن تكن تصويراً لوقائع ماضية- ومحاولة لنقل الحقيقة كما هي، مع انتقاء هذه الوقائع، وطريقة عرضها – تؤثر تأثيراً قوياً في تفكير الجيل الذي يدرس هذا التاريخ، وفي نفسيته وعواطفه.
(فتاريخ كل أمة يعطي صورة عنها، ويحدد موقعها بالنسبة إلى تواريخ الأمم الأخرى، ويشعر الجيل الجديد بموقفه من أمته بين ماضيها ومستقبلها، ليتخذ لنفسه طريقاً للسلوك(3))؟
والأستاذ محمد الخير عبد القادر كتب خمس مقالات في مجلة الشهاب الدمشقية (27- 29- 38- 39- 41) بحث فيها (مقومات التاريخ الإسلامي) وكأنه يخطط لمنهج جديد ينتهجه من يندب نفسه لكتابة تاريخنا من جديد، فيعرض النظريات التاريخية الأربع:
1- النظرية الدينية (أوغسطين في كتابه: مدينة الله).
2- النظرية العقلية.
3- النظرية الجغرافية والظروف المحيطة بالإنسان (مونتسيكو- ابن خلدون).
4- النظرية المادية التاريخية التي ترى أن الدوافع الاقتصادية علة الوقائع التاريخية، أما الإنسان فموقفه سلبي في الحياة الاقتصادية، لا يملك حولاً ولا قوة، وهي بهذا قد سلبت الحياة والفكر من الإنسان الناطق، وأعطتهما للمادة الصماء.
ثم يعقب على هذه النظريات فيقول: "على أن المفكرين لم يجمعوا حتى الآن – وليس في وسعهم أن يجمعوا- على رأي حاسم في تفسير التاريخ، أو في استنباط القوانين العامة التي تخضع لها الوقائع التاريخية، ويرجع ذلك لسببين:
1- إن مادة التاريخ غير ثابتة، وغير قابلة للتحديد، وليس من الميسور أن تعاين وقائع التاريخ معاينة مباشرة، كما يفعل العالم الفلكي مثلاً.
2- إن الاختبار والتجربة غير محكمين في التاريخ، كما هي الحال في العلوم الكيمائية مثلاً.
ثم إنه يرى تلك الضرورة على أساس التعريف الذي ارتضاه التاريخ حيث يقول:
(التاريخ: تفسير الحاضر على ضوء الماضي، والنظر إلى المستقبل في ضوء الحاضر، وبقدر فهم الأمة لحقائق تاريخها، ومقدرتها على تفسيرها يكون حظها من التوجيه السليم، أو الفوضى والارتجال في حل مشاكلها).
ولأن التاريخ علم يشرح تطور المجتمع، يستطيع تأدية رسالته – على حد تعبير هيرشنو في كتابه: علم التاريخ – من ثلاث نواح:
1- من حيث هو مدرسة لتعليم طريقة البحث السياسي.
2- من حيث هو مستودع التقاليد السياسية.
3- من حيث هو أساس الرقي السياسي.
والاستعمار يعرف حق المعرفة أثر التاريخ في توجيه الشعوب، ولذلك يركز جهده في السيطرة على الأقلام التي تسطر التاريخ: لتخرج له تاريخاً على الطريقة التي يريدها، فهو يهمه كثيراً (ألا نجد في تاريخنا ما نعتز به، وأن نرى أوربا، على العكس، هي صاحبة الدور الأول في التاريخ الإنساني، فإذا يئسنا من ماضينا، واستصغرنا دورنا في حياة البشرية، وامتلأت نفوسنا، مع ذلك، إعجاباً بالدور الذي قامت به أوربا وإكباراً للرجل الأبيض، سهل قيادنا على الاستعمار، وتطامنت كبرياؤنا القومية، وذلت رقابنا للمستعمرين(4)).
لأن التاريخ لم يعد (بحثاً عن الامتداد الزمني في الماضي، بوصفه إطاراً لما وقع فيه من حوادث، ولكنه أصبح كشفاً عن القيم الإنسانية فيما تكشف عنه هذه الحوادث من قوانين إنسانية محدودة بعواملها التاريخية كقوانين الاقتصاد السياسي في المجتمعات الماضية، أو كعوامل التقدم الثقافي أو انحطاطه.. وفي كل ذلك يحاول المؤرخ أن يستنبط قواعده من حقائق التاريخ، بوصفها حقائق موضوعية، ولكنه يرتبها في سلسلة منطقية خاضعة لهدفه الذي يرمي إليه في التأويل، وبهذا يكون التاريخ كشفاً عن قيم إنسانية في الماضي، وهذه القيم لا يمكن أن تكون موضوعية محضة إذ تتطلب شرحاً وتأويلاً، والحقائق التاريخية فيها ليست إلا باعثاً أو تعلة لقضايا المؤرخ. وفيها يعود المؤلف – من شروحه الصادرة عن فهمه للماضي- إلى الحاضر، ليوسع آفاقه، وينمي جوانبه، فتولد المعاني الإنسانية مجردة في عاقبة الأمر من معناها الزمني، لتصير مقوماً من مقومات الحضارة أو قضية من قضايا الحاضر التي توجه المستقبل، فتكشف بذلك عن الخصائص الدائمة للوجود الإنساني)(5).
أما الأستاذ الشهيد سيد قطب – رحمه الله- فإنه يعرف التاريخ بقوله:
(التاريخ ليس هو الحوادث، إنما هو تفسير هذه الحوادث، والاهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع شتاتها، وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات، متفاعلة الجزئيات، ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان).
 وانطلاقاً من هذا التعريف، يرى أن التاريخ الإسلامي يجب أن تعاد كتابته على أسس جديدة، وبمنهج آخر.
لأن (هذا التاريخ موجود اليوم في صورتين: صورته في المصادر العربية القديمة، وهذه من التجوز الشديد أن تسمى تاريخاً، بل هي لا يمكن أن تحمل هذا الاسم، فهي نثار من الحوادث والوقائع والحكايات والأحاديث والنتف والملح والخرافات والأساطير والروايات المتضاربة، والأقوال المتعارضة على كل حال.. وإن كانت، بعد ذلك كله، غنية، كمصدر تاريخي، بالمواد الخامة التي تسعف من يريد الدراسة، ويوهب الصبر، ويحاول الغربلة... بالمواد الأولية اللازمة له في بناء هيكل التاريخ.
وصورته في المصادر الأوربية، وبخاصة في أعمال المستشرقين، وهي صورة مرفوضة حتماً لأسباب سبق له أن بيَّنها في مقاله هذا.
كما يرفض الصورة الثالثة التي أنتجها أناس تتبعوا المنهج الأوربي، واستمدوا عناصرها من الدراسات الأوربية في الغالب، وتأثروا بالإيحاءات الأوربية من ناحية زاوية الرؤية.
"يجب إذن، أن تعاد كتابة التاريخ الإسلامي على أسس جديدة، وتحت أضواء جديدة، لكي تعطي كل أسرارها وإشعاعاتها، وتنكشف بكل عناصرها ومقوماتها".
ثم يبين ضرورة اعتماد هذه الكتابة الجديدة على المصادر العربية أولاً، والدراسات الغربية ثانياً، أما بقية العمل فيجب "أن تكون ذاتية بحتة غير متأثرة إلا بمنطق الحوادث ذاتها، بعد أن يعيش الباحث بعقله وروحه وحسه في جو الإسلام كعقيدة وفكرة ونظام، وفي جو الحياة الإسلامية كقطعة من حياة البشرية الواقعية" لأنه يصعب "أن نتصور إمكان دراسة الحياة الإسلامية كاملة دون إدراك كامل لروح العقيدة الإسلامية، ولطبيعة فكرة الإسلام عن الكون والحياة والإنسان، ولطبيعة استجابة المسلم لتلك العقيدة، وطريقته في الاستجابة للحياة كلها في ظل تلك العقيدة".
"وبذلك تتهيأ للقارئ لمثل هذا التاريخ صورة مستكملة الجوانب لكل الأوضاع والأحوال التي نشأت عنها الاستجابات التي وقعت بالفعل في تاريخ الإسلام، في الفترة التي تلت ظهوره، كما يتهيأ له تفسير هذه الاستجابات تفسيراً صحيحاً مستكملاً لكل عناصر الحكم والتقدير، وبذلك يستحيل التاريخ عملية استيطان وتجاوب في ضمائر الأشياء والأشخاص والأزمان، والأحداث، ويتصل بناموس الكون، ومدارج البشرية، ويصبح كائناً حياً، ومادة حياة..".
وقد بلغت الحماسة بسيد أن يحاول النهوض بهذا العبء الضخم، فشكل لجنة لهذه الغاية، تألفت منه ومن الدكتور محمد يوسف موسى، والدكتور عبد الحميد يونس، والشيخ صادق عرجون، والدكتور محمد النجار.
وقد شرعت هذه اللجنة بالتخطيط العام لهذه الكتابة الجديدة، على الشكل التالي:
- مقدمات التاريخ الإسلامي.
- الإسلام على عهد الرسول.
- المد الإسلامي.
- الانحسار الإسلامي.
- العالم الإسلامي اليوم.
ولكن اللجنة المذكورة توقفت عن العمل، بسبب الظروف الحرجة التي أحيطت بها، وإن يكن الشيخ صادق عرجون قد حاول العمل منفرداً، فألف كتابيه القيمين عن خالد بن الوليد وعن عثمان بن عفان رضي الله عنهما.
ومن أبرز الكتَّاب الذين تنبهوا إلى خطورة التاريخ، وأكدوا على إعادة كتابته من جديد، المرحوم الأستاذ محب الدين الخطيب، فقد دعا في المقدمة الرائعة التي قدّم بها كتاب "أبو بكر الصديق" لعلي الطنطاوي إلى منهج جديد في كتابة التاريخ، لأن تاريخ الأمة العربية الإسلامية لم يكتب بعد، ويندد بتقصير مثقفينا في هذا المجال، ويلقي التبعة على التعليم الاستعماري الذي حال بيننا وبين بعث تاريخنا، لأن "تاريخ الأمة هو الأمة، وكل جيل من أجيالها حلقة من حلقاتها الممتدة بين الأزل والأبد".
وتاريخ كل أمة، فيه الأمجاد والفضائل، وما تشعره من أسوة وقدوة، وفيه الأخطاء والزلات، وما تفيده من عظة وعبرة، والمؤرخ هو مربي الجيل، الرفيق به، الذي يحسن تنبيه الجيل إلى مواطن الأسوة والقدوة من رسالة أمته، وسننها، وأمجاد عظمائها، وفضائلهم، يترفق بإيقاظه للاعتبار بأخطاء الماضي وزلاته، والاتعاظ بها:".
وينقل لنا حديثاً طريفاً، عميقاً، للقائد العسكري الكبير عزيز علي المصري، ننقله لأهميته:
"لقد لاحظت عجباً في هذه الكتب العربية التي دوَّن فيها المؤرخون تاريخ أمتنا، إنهم يختلفون كل الاختلاف عن مؤرخي الأمم الأخرى.

لقد قرأت كثيراً من كتب التاريخ الفرنسية والألمانية والإنكليزية، فرأيت المحققين من مؤلفيها يلتزمون الحقيقة غالباً في عرض الوقائع، غير أنهم يحيطون أخطاء الماضي بالظروف التي أدت إلى وقوع تلك الأخطاء، حتى ليكاد القارئ يعذر المخطئين فيما صدر عنهم، ثم يستنتجون العبرة من ذلك، ليستفيد الخلف من أخطاء السلف، فيتفادوا تكررها، ويجتنبوا الوقوع في أمثالها، ويخرج المؤلفون والقراء من مثل هذه المواقف، بالاحترام التام لسلفهم، حتى عندما يكونون مخطئين، وإنما جنح الغربيون إلى التزام هذا الأسلوب في كتابة تاريخهم، لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءاً من الأمة التي يدونون تاريخها، فالمحققون منهم لا يخرجون عن مقتضى الأمانة في تسمية الصواب صواباً، والخطأ خطأ، غير أنهم يحسنون عرض الصواب، فيراه القارئ بجماله الرائع، ويدرسون ظروف الخطأ، ونواحي العذر فيه لمن صدر عنهم، كما يدلون بأعذارهم ولو كانوا هم المخطئين، وبهذا تستفيد الأجيال العبرة، وبهذا يؤدي التاريخ مهمته.".
أما ما فعله علي الطنطاوي فيما كتب من التاريخ، "أبو بكر الصديق" و"أخبار عمر" و"رجال من التاريخ" وسواها، فإنه لم يأت بجديد، فقد لجأ إلى الأسلوب العربي التقليدي في كتابه التاريخ، مع شيء من التنسيق، إذ جمع فيها ما تفرق في عشرات الكتب، وعارض هذه الأخبار بعضها ببعض، وتحرى الصحيح منها، ثم جمع ما صح عنده من الروايات الكثيرة، وجعلها كالحديث الواحد – على حد تعبيره هو- مع شيء من تهذيب الأسلوب، وتوضيح الغامض، وهو لم يكتب ما كتب إلا لاعتقاده بأن على رب كل أسرة أن يكون في بيته كتاب جامع من كتب السيرة، وأن يقرأ فيه دائماً، ويقرأ لأهله وأولاده، لينشئوا على معرفة سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم)، فهي الينبوع والدليل والمثل والدستور، ولأن في تاريخنا المثل الأعلى لكل فضيلة.
وكذا الأمر بالنسبة للدكتور عماد الدين خليل، فهو قد شرع فعلاً بتأليف جديد، على نهج جديد، فيه بعض التميز، مما سبقه من تآليف، في كل من كتابيه: عماد الدين زنكي، وملامح الانقلاب الإسلامي في خلافة عمر بن عبد العزيز.
فأما الكتاب الأول، فهو دراسة أكاديمية اضطرته إليها طبيعة الرسائل التي تقدم لنيل شهادة الماجستير أو الدكتوراه.
وأما الثاني، فإنه حاول فيه أن يحقق بعض ما كان يصبو إليه، ونظرة سريعة إلى المقدمة الطويلة التي قدم بها الكتاب، ترينا المنهج الذي سار عليه في كتابة التاريخ والسيرة، وهو منهج "يقوم على التوازن بين الذات والموضوع، ويسعى إلى إحياء الموقف التاريخي، ويستهدف النظرة الكلية الكونية للأحداث والحركات والأشياء"(6).
*  *  *
أما، لماذا عني السباعي بتراجم عظمائنا، فلأن الإسلام لا يغمط أحداً حقه، فهو يقدّر الدور الكبير الذي ينهض به الفرد في حركة التاريخ، كما لا يغفل دور الشعوب في عالم التاريخ، فهي التي يستند إليها الفرد العظيم، بل لا يستطيع الفرد مهما كان عظيماً أن يتخلى عنها، أو يهملها، أو يتغاضى عن أهميتها، فهي مسنده، وبها يضرب أعداءه، وبكلمة واحدة، هي عصا حضارته، يمسك بها بيده.
وهذه النظرة الوسط إلى التاريخ تغاير نظرتي كلا المعسكرين: الشرقي والغربي على حد سواء، الشرقي الذي لا يأبه لدور الفرد في التاريخ، والغربي الليبرالي أو الإمبريالي الذي يتجاهل ما تقوم به الجماهير، ويؤله الفرد... وإلا فما قيمة ذلك الجيل القرآني الفريد لو لم يكن هناك الملهم الرائد الذي صنع أمته على يده وبهدي قرآنه، الدستور الإلهي العظيم. وبالمقابل، أنَّى لأبي بكر العظيم أن يقف في وجه القبائل العربية المرتدة التي نقضت عهودها وخرجت عليه، لو لم يكن يؤازره ذلك الجيل العظيم؟!..
الرجل العظيم في مسيس الحاجة إلى الأمة العظيمة، والعكس صحيح.. وهذا يعني أن التاريخ العربي لم يكن تاريخ ملوك فقط، بل كان تاريخ ملوك وشعوب في آن واحد منطلقاً في هذا، من طبيعة الظروف الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية بصورة عامة. بل (يجب أن نعترف – كما يقول الدكتور حاطوم- بأن هذا النوع من التأليف لم يكن في الغالب سوى إطار ونقطة انطلاق للبحث التاريخي."(7).
وفي بحث نشوء المدنيات، يبين توينبي "النظريات الخاطئة في نشوء المدنيات، ويقول: إن الفرق بين المجتمع الابتدائي والمجتمع المتمدن ليس في وجود المؤسسات المختلفة أو عدم وجودها، ففي المجتمعات الابتدائية مؤسسات مختلفة لا تقل إتقاناً عن المجتمعات الراقية، كما أن الفرق ليس في توزيع الأعمال، فظاهرة تقسيم الأعمال موجودة في المجتمعات الابتدائية.
إنما يرى أن الفرق الأساسي ناتج عن اختلاف الاتجاه، ففي المجتمع الابتدائي، التقليد موجَّه للأجيال القديمة وتجاه الأجداد، وفي المجتمعات المتطورة التقليد موجه نحو الأشخاص المبدعين"(8).
ولذا فإننا نرى الغربيين يجلون عظماءهم، ويدونون سيرهم، ويقتفون آثارهم، بينما يجهل الشاب العربي عظماء أمته.
ومن هنا انبثقت فكرة الكتابة عن هؤلاء العظماء..
وليس هناك أجلّ من عظيم العظماء محمد (صلى الله عليه وسلم)، وصحابته الكرام الذين ربّوا على عينه، فكانوا جيلاً فريداً بين الأجيال، لا نقول: قل نظراؤه، بل نقول: عدم النظراء.. فقد ترك محمد (صلى الله عليه وسلم) "من بعده خلفاء عنه في قيادة الدعوة، يفهمون شريعته، كما يفهمها، ويتخلقون بأخلاقه كما أدبه ربه، فاستمرت الدعوة من بعده، وأدت رسالتها في التاريخ"(9) لأنهم كانوا أتقى لله، وأكرم في السيرة، من كل جيل عرفته الإنسانية في القديم والحديث. ولقد انتصر الإسلام على أيديهم، وبنضالهم، ومفارقتهم الأهل والبلد في سبيل الله والحق الذي آمنوا به، وعلى أيديهم انتقل هذا الدين إلينا، وبوساطتهم أخرجنا الله من الظلمات إلى النور.
كل ذلك بسبب تلقيهم الدعوة من مصدر قوتها، وعذب معينها، وما دام الأمر على هذه الشاكلة، فلا جرم أن يُعْنى دعاة الإسلام والمصلحون بالسيرة النبوية، وسير الصحابة، وتاريخهم، لأنها من أقوى مصادر القوة الإيمانية، والعاطفة الدينية التي لا تزال هذه الأمة والدعوات الدينية تقتبس منها شعلة الإيمان، وبها راح الدعاة يستعينون في إيقاظ همم المسلمين وإلهاب قلوبهم بجذوة الإيمان، والحماسة الدينية، "فبعض حوادث التاريخ الخالدة يصنعها أفراد قلائل، ويعيش بفضلها مئات الملايين على مرِّ الدهور وهم لا يشعرون"(10).
" وفي ذلك دعوة غير مباشرة إلى العودة لأخلاق الإسلام في عصوره الذهبية، فليس أجدى في التربية، من أن نجعل شبابنا يعيشون في أجواء عظمائهم، لينشؤوا عظماء في أخلاقهم وسلوكهم وأهدافهم، ولينهضوا بعبء الرسالة التي كلفهم الله بحملها في كل جيل: رسالة الريادة الفكرية والخلقية، والاجتماعية، نحو حياة كريمة، وعيش رغيد، ومستقبل سعيد "(11).
·       *  *
ولابد لنا من وقفة قصيرة مع مؤلفي فقه السيرة، هذا الفن المستحدث الذي بدأه الأستاذ محمد الغزالي في كتابه القيم (فقه السيرة) وتناول فيه سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالعرض والتحليل، لا ليتملى الناس عناصر النبوغ فيها، بل لأنه رأى: أن المسلمين الآن يعرفون عن السيرة قشوراً خفيفة، لا تحرك القلوب، ولا تستثير الهمم، وهم يعظمون النبي وصحابته عن تقليد موروث، ومعرفة قليلة، ويكتفون من هذا التعظيم بإجلال اللسان، أو بما قلّت مؤونته من عمل..
" بذلت وسعي في إعطاء القارئ صورة صادقة عن سيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، واجتهدت في إبراز الحكم والتفاسير لما يقع من حوادث، ثم تركت للحوادث المجلوة أن تدع آثارها في النفوس دون افتعال أو احتيال.. وقصدت من وراء ذلك، أن تكون السيرة شيئاً ينمّي الإيمان، ويزكي الخلق، ويلهب الكفاح، ويغري باعتناق الحق والوفاء له، ويضم ثروة طائلة من الأمثلة الرائعة لهذا كله.." لأنه يرى مشاهد التخلف الحضاري لدى أمته.
أما منهجه في التأليف فقد مزج – على نحو جديد- بين طريقة المؤرخين المحدثين القائمة على التعليل والموازنة، وربط الحوادث المختلفة في سياق متماسك، وبين طريقة المؤرخين القدامى، المعتمدة على حشد الآثار وتمحيص الأسانيد، وتسجيل ما دقّ وجلّ من الوقائع والشؤون، إذ راح يجمع بين ما في كلتيهما من خير، فيجعل من تفاصيل السيرة موضوعاً متماسكاً يشد أجزاءه روح واحد، ثم يوزع النصوص والمرويات الأخرى بحيث تتسق مع وحدة الموضوع، وتعين على إتقان صورته، وإكمال حقيقته.
وقد قسم الكتاب إلى ثمانية أقسام، لم يسمها أبواباً ولا فصولاً، هي:
1- رسالة وإمام. وفي هذا القسم عدد من المقدمات، كطبيعة الرسالة الخاتمة، والعرب حين البعثة، ومنزلة السنة من الكتاب الكريم.. إلخ..
2- من الميلاد إلى البعث.
3- جهاد الدعوة.
4- الهجرة العامة: مقدماتها ونتائجها.
5- أسس البناء للمجتمع الجديد.
6- الكفاح الدامي.
7- طور جديد.
8- أمهات المؤمنين.
وقد استطاع المؤلف أن يعرض لنا سيرة الرسول عرضاً حياً أخاذاً، بذّ فيه كل من كتب في السيرة من المؤرخين، وكان الرائد في إبداع هذا النمط الجديد من التأليف الذي لا يهدف إلى حشر المعلومات بل إلى إحياء سيرة جلت عن السير، قديمها وحديثها.
ثم تابع الغزالي في هذا النمط من التأليف، الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، فأخرج لنا كتاباً في فقه السيرة ذكر في مقدمة الطبعة الثالثة له أنه لم يسجل من الأحداث إلا أهمها أو أصحها لسببين:
" أولهما: أن هنالك أموراً لا تتحمل التعليق عليها بالتحليل أو استنباط المبادئ والأحكام، وإن كانت لا تخلو من عظة أو عبرة ينبغي أن يعيها القارئ". لأنه لا يقصد إلى حشد مزيد من القصص وأحداث التاريخ والسيرة، وإنما يهدف إلى دراسة هذه الوقائع لاستنباط المبادئ أو الأحكام منها.
ثانيهما: حجم الكتاب.
وفي مقدمة الطبعة الثانية يقول:
" قد سلكت في كتابة السيرة النبوية، والتعليق عليها مسلكاً من شأنه أن يصحح أغلاط كثير ممن كتبوا فيها في هذا العصر، كالمستشرقين والمستغربين من أقطاب مدرسة ما زعموه (الإصلاح الديني) كالدكتور محمد حسين هيكل، ومحمد فريد وجدي ممن استخذت نفوسهم، وانهارت أفكارهم أمام الانبهار بالعلم الحديث..".
ولذلك أراد أن يقدم على إزالة بقية الأطلال القائمة لتلك المدرسة.
" فضلت أن أسير في كتابة هذه الأبحاث على المنهج المدرسي القائم على استنباط القواعد والأحكام، مبتعداً عن المنهج الأدبي التحليلي المجرد... لأن مجاله الجامعة".
وهو لابد أن يفيض في ذكر المسائل والأحكام ومتعلقاتها إلى الحد الذي يشق معه على القارئ أن يقرأ الكتاب كله لقاء جهد يسير، بل ستقل فائدة الكتاب، وسيغدو مرجعاً يستعان به عند المناسبات.
وقد قسم كتابه إلى سبعة أقسام، عرض في القسم الأول عدداً من المقدمات حول أهمية السيرة النبوية في فهم الإسلام، ومصادر السيرة النبوية، وسر اختيار الجزيرة العربية مهداً لنشأة الإسلام..
وفي القسم الثاني تحدث عن حياة الرسول من الميلاد إلى البعثة.
وفي القسم الثالث من البعثة إلى الهجرة.
وفي القسم الرابع تحدث عن أسس المجتمع الجديد.
وفي الخامس عن مرحلة الحرب الدفاعية.
وفي السادس عن الفتح: مقدماته ونتائجه.
وأخيراً ختم الكتاب بشكوى الرسول (صلى الله عليه وسلم) وإلحاقه بالرفيق الأعلى.
والمنهج الذي ارتضاه لنفسه، هو أن يذكر الأحداث، ثم ينتقل منها إلى ما يسميه (العبر والعظات) وأحياناً كان يترك عنوان العبر والعظات وهو يتابع في هذا الدكتور السباعي الذي سبقه إلى انتهاج مثل هذا المنهج وهو في هذا يريد تبيان أهمية السيرة النبوية في فهم الإسلام، إذ يقول:
" ليس الغرض من دراسة السيرة النبوية وفقهها، مجرد الوقوف على الوقائع التاريخية ولا سرد ما طرف أو جمل من القصص والأحداث، ولذا فلا ينبغي أن نعتبر دراسة فقه السيرة النبوية من جملة الدراسات التاريخية شأنها كشأن الاطلاع على سيرة خليفة من الخلفاء أو عهد من العهود التاريخية الغابرة.

وإنما الغرض منها أن يتصور المسلم الحقيقة الإسلامية في مجموعها متجسدة في حياته (صلى الله عليه وسلم) بعد أن فهمها مبادئ وقواعد وأحكاماً مجردة في الذهن.

أي إن دراسة السيرة النبوية ليست سوى عمل تطبيقي يراد منه تجسيد الحقيقة الإسلامية كاملة في مثلها الأعلى محمد (صلى الله عليه وسلم)"(12).
*  *  *
أما الدكتور السباعي، فإنه كان يتوق إلى الفراغ الذي يتيح له فرصة الكتابة في السيرة النبوية وفقهها، لأنه يعتقد أن "دراسة سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) دراسة عميقة واعية ألزم ما تكون لقادة الدعوة من الجنود والأنصار.. لأنها المدرسة الإلهية لكل قائد، وكل زعيم، وكل رئيس وكل حاكم، وكل سياسي، وكل زوج، وكل أب.. فالرسول محمد هو المثل الإنساني الكامل لكل من أراد أن يقترب من الكمال في أروع صوره، واتجاهاته، ومظاهره"(13).
وعندما أتيحت له هذه الفرصة – واحسرتاه- وهو يعاني من آلام ذلك المرض العضال الذي أعيا مهرة الأطباء في الداخل والخارج، أقبل على السيرة النبوية، يكتب فيها، ويستقريها، ويتعلم منها، ثم ينطلق يعلم الآخرين، فكان أن أخرج لنا (مذكرات في فقه السيرة النبوية) التي ألقاها محاضرات على طلبة كلية الشريعة بجامعة دمشق (1381هـ - 1962م).
والدارس لهذه المذكرات سيحس – حتماً- بأنه أمام رجل كان يديم النظر في التاريخ، دون أن ينسى الحاضر.. بل إنه ليعرف أن الرجل ما درس الماضي إلا ليسقطه على الحاضر، فهو عندما يتحدث عن سقوط الحضارات القديمة، لا ينسى سقوط الحضارة الحديثة، فيقول: " الذين يتخذون من اتجاهات أهل الحضارة اليوم مقياساً للصحيح والفاسد، يخطئون، فالحضارات القديمة وحضارة اليوم، كان انهيارها نتيجة اتجاه الجماهير نحو الانحلال أو الفوضى"(14) وها هو ذا كتابه الرائع (من روائع حضارتنا) دليل ضخم على صحة ما نقول، فهو يذكر بعض معالم حضارتنا، وخصائصها، مستدلاً عليها بآيات قرآنية، وأحاديث نبوية، مستشهداً عليها بالعديد من الحوادث التاريخية الثابتة، كما يستشهد بأقوال الغربيين الذين حاولوا إنصاف حضارتنا، ثم يذكر طرفاً من ظلام الغرب وحضارته، مقارناً بين نورنا وظلامهم، راداً على افتراءات المفترين منهم.
وتراه أحياناً يذكر المبادئ الحضارية في تشريعنا، ثم ينتقل إلى الجانب التطبيقي العملي في حياتنا، فيرى واقعنا منسجماً مع مبادئنا الحضارية، بينما لا نرى مثل هذا الانسجام في حضارات الآخرين ولذلك، " إنا لنجزم بأن الزمام قد أفلت من رجال الدين وعلماء الأخلاق والاجتماع عندهم، وأن القطار قد فاتهم، وإن الكارثة تستفحل يوماً بعد يوم، حتى تأتي النهاية الطبيعية لهذه الحضارة."(15).
ولقد بدأ الغربيون يدركون إفلاس حضارتهم من الناحيتين: الروحية والأخلاقية، وأخذ كثير منهم يتجه نحو الشرق، عله يجد في دياناته ما يسد فراغه الروحي، ويرده إلى إنسانيته الكريمة.. لأن حضارتهم فقدت جمال الروح، وجمال الذوق الفطري، وجمال الخلق، ولذا يرى السباعي أن أمتنا هي الأمة الوحيدة التي تستطيع القيام بالدور الحضاري المرتقب للأسباب التالية:
أولاً: لأننا نحمل أرقى عقيدة تستطيع أن تسهم في بناء الحضارات، وهي عقيدة التوحيد.
ثانياً: لأننا أصحاب روحانية إيجابية بناءة، روحانية إلهية تلازم كلاً في عمله وكافة أحواله.
ثالثاً: لأننا أثبتنا في الماضي قدرتنا على إنشاء مثل الحضارة المرتقبة.
وما دامت حوادث التاريخ، تصنعها يد الله بآراء المفكرين، وصيحات الأنبياء والمصلحين، فليكتب ولينشر ما في حضارتنا من روائع، أو بعض ما فيها، دليلاً " على استطاعتنا بناء حضارة أكمل وأسمى من هذه الحضارة، وأن نذكر الجيل الجديد من أبناء أمتنا، بواجبهم في بناء حضارة إنسانية كريمة، كما بنى آباؤهم أمثالها، وهذا أنسب الأوقات لمثل هذا التذكير، فأمتنا تدخل الآن باب التاريخ من جديد، دخولاً كريماً، فيه كل تحفز وانطلاق لبناء مستقبل أفضل وأكمل، وفي أمتنا بقايا من سجايا الآباء والأجداد، فإذا سمعت حديث أمجادهم، وآثارهم، وحضارتهم، هزها ذلك هزاً عنيفاً، ودفعها إلى العمل دفعاً حثيثاً."(16).
فالتاريخ وإعادة كتابته، للتذكير بأمجاد الماضي، ليس من قبيل التمني الكسلان بتلك الأمجاد، بل ليكون كل ذلك حافزاً للهمم، مثيراً للعزائم، لكي يستمر الأحفاد فيما بدأه الأجداد.
يقول الدكتور السباعي: "وإذا كنت قد عرضت في هذا الكتاب، نماذج من روائع حضارتنا، فإني لأرجو أن يتم الدارسون لتاريخ حضارتنا ما بدأته من عرض هذه الروائع، بشكل أتم، وبحث أوفى، وبيان أبلغ وأنصع، لإعطاء جيلنا الحاضر صورة حقيقية كاملة الروعة عن هذه الحضارة التي كانت تشع النور، وتبعث الحياة في القرون الوسطى، فلا حاضر لأمة تجهل ماضيها، ولا مستقبل لأمة تنكر خصائصها وفضائلها، وهي مما تتصل بالحضارة بأوفى سبب وأقوى نسب.
وإذا كان الوقوف على الماضي للبكاء عليه والنحيب، هو شغل الكسالى والعاطلين، فإن تجاهله وازدراءه، مع ما يفيض به من خير واسع، ونور رحيب، هو شأن الحاقدين أو الجاهلين.
ومن الخير أن نستفيد من كنوزنا في بناء نهضتنا العتيدة، لتكون النهضة مأمونة العواقب، غنية بما يمد لها من أسباب النجاح والبقاء، واضحة الملامح فيما تهدف إليه من كرامة وهناءة، متصلة أمجادها بأمجاد الماضي، لتتصل أمجاد المستقبل بأمجادها، فيستمر الموكب، وتنسجم الحلقة، ويكتمل البناء"(17).
وهذا الربط الوثيق بين الماضي والحاضر، هو دأب السباعي الداعية، لا يكاد يخرج عنه في كتاباته التاريخية كلها، ففي (مذكرات في فقه السيرة) لا ينسى أن يرد على الغلاة من أعداء الإسلام، كلما سنحت له الفرصة، مستخلصاً ردوده من سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، كرده على الغلاة من دعاة القومية العربية.
كما تجد مثل هذه في التوجيهات التي يصدرها الدعاة إلى الله فيما يستخلص من دروس وعظات، حتى ليمكن القول: إن هذه المذكرات جد ضرورية لأولئك، فهي توجيه وتوعية قبل أن تكون مجرد دراسات في السيرة وفقهها.
وقد اعتمد السباعي نهجاً جميلاً في تأليف المذكرات، وهو أنه يقدم الوقائع التاريخية، وكلها وقائع ثابتة استقاها من أمات المصادر الموثوقة، لأنه يرى "من المسلم به في علم التاريخ الحديث أن حقائقه لا تؤخذ إلا من مصادر التاريخ الثابتة والموثوقة، فمن استمد وقائعه من مصادر غير موثوقة، لم يكن لبحثه أية قيمة علمية، ولا لمن يفعل ذلك، مكان بين العلماء المحترمين"(18).
ثم يلي ذلك (الدروس والعظات) التي يستخلصها من تلك الوقائع، وهي جميعاً، جوانب تخص الدعوة والتربية، وتهم الدعاة والمربين، فهي بمثابة التذكرة لهم ولكل العاملين في حقل الدعوة.
وأستطيع أن أقول: إذا كان الكتاب صورة نفسية للمؤلف، وقطعة من قلبه، يؤثر بقدر ما يكتبه المؤلف عن عقيدة واقتناع، وتأثر وانطباع، وبقدر ما يعيش في مادته ومعناه.. فإن كتب السباعي هي السباعي نفسه.
ولابد لي قبل أن أنهي هذه المقدمة في التاريخ وكاتبيه من أن أشير إلى تلك الخواطر الرائعة التي كانت تنثال على خاطر السباعي وهو على فراش المرض، والتي جمعها في كتابه العظيم (هكذا علمتني الحياة) مما يتعلق بالتاريخ، فهي تضيء رؤيته للتاريخ، لأنها إنما انبثقت من أعماق قلبه المؤمن، وإليكم بعض روائعها:
" إذا أحب الناس إنساناً كتموا عيوبه، ونشروا حسناته، فكيف لا ينشر المؤمنون فضائل رسولهم، وليس له عيوب.".

وفي مجال المقارنة بين رسول الله والأنبياء يقول:

" لئن شق موسى بحراً من الماء فانحسر عن رمل وحصى، فقد شق محمد صلى الله عليه وسلم بحوراً من النفوس، فانحسرت عن عظماء خالدين،

ولئن رد الله ليوشع شمساً غابت بعد لحظات، فقد رد الله بمحمد إلى الدنيا شمساً لا تغيب مدى الحياة،

ولئن أحيا عيسى الموتى ثم ماتوا، فقد أحيا محمد أمماً ثم لم تمت.".

وهو يرى أن محمداً هو المثل الأعلى الذي ينبغي على الشباب احتذاؤه، فيقول:

" لم يتفرد محمد صلى الله عليه وسلم بأنه يمثل الكائن الإنساني المطلق من جميع نواحيه فحسب، بل هو يمثل النجاح المعجز في تربية النماذج الإنسانية الكاملة من الأفراد، والأمة الإنسانية الكاملة، ما بين الشعوب، فمَنْ مثلُ محمد صلى الله عليه وسلم؟ مَنْ مثلُ محمد؟..".

" فيا أيها الأخ المسلم، كن مثل محمد صلى الله عليه وسلم ما استطعت، تلحق به في ركب الخالدين، كن صورة موجزة عنه، فمثل محمد تماماً، ما كان ولن يكون في التاريخ، لأن إرادة الله اقتضت أن تكون للإنسانية شمس واحدة تطلع كل يوم.".

" لم يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده ابناً يرث رداءه، ولكنه خلف من بعده، ما بقيت الأرض، أجيالاً تحمل لواءه، كلنا أبناء محمد وبناته، كلنا له وورثته".

" لم يجىء رسول الله إلى الدنيا ليكون ملكاً عليها، فنرث عنه الملك، ولكنه جاء ليكون قائداً لها فنحن نرث عنه القيادة..".

(إذا أردت أن تلحق بالعظماء، فعش معهم، وخير عظيم في التاريخ الإنساني كله، تعيش معه، هو محمد صلى الله عليه وسلم، فاقرأ سيرته بإمعان وتدبر كل يوم إن استطعت، وزره كل عام إن قدرت.).

(ليس الخلود أن يتحدث التاريخ عن الخالدين، ولكن أن ترى أرواحهم في الأحياء المتعاقبين، وأن تعمل أخلاقهم عملها في كل عصر على مر التاريخ، ولم يجتمع ذلك لعظيم كما اجتمع لمحمد صلى الله عليه وسلم.).

" لولا أن التعصب الذميم يغطي على أبصار هؤلاء الغربيين، لوجدوا في شريعة محمد وسيرته، ما يأخذ بيدهم إلى الأمن مما يتهاوون فيه من شقاء، ولكن الله لم يرد لهم هذا الخير ولعله ادخره لأمة أخرى، تكون أبر بالإنسانية، وأحنى على جراحها، وأهدى إلى حل مشكلاتها من هؤلاء المتعصبين المغرورين.".

وفي الهجرة النبوية وعظمتها يقول:

"الهجرة النبوية جمعت بين روعة الكفاح والفداء واللقاء، وعظيم الأثر في تحويل مجرى التاريخ لا جرم إن كان عمر والصحابة، بعيدي النظر، حين اعتبروا الهجرة بدء التاريخ الإسلامي.

بل "ليست الهجرة بدء التاريخ الإسلامي فحسب، بل هي بدء التاريخ الإنساني الذي ولد فيه الإنسان ولادة جديدة.

"فالهجرة كانت قبراً للباطل العنيد، ونصراً للحق الجديد.

ولولا الهجرة لما كانت دمشق وبغداد، وقرطبة والزهراء، ولولا الهجرة لما كان خلود العرب في التاريخ، ولولا الهجرة لما استيقظ العرب بعد سبات عميق".

وفي مجال الحضارات وأسباب نشوئها وارتقائها، وأسباب ضعفها وانهيارها يقول، وعينه على الواقع المعيش في دنيا العرب والمسلمين:

"سلوا التاريخ هل أفل نجمنا إلا يوم سطعت نجوم المغنين، وقويت دولة الراقصات في سماء حضارتنا".

"ليسأل التاريخ هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون النهوض بأمتنا، ولا ينفكون عن تحطيم كيان الأسرة عندنا، هل انهارت أقوى الأمم حضارة في التاريخ، إلا حين سادت فيها مثل آرائهم الجنسية، وفلسفتهم في قضية المرأة.".

"في كل حضارة من الحضارات علماء عكفوا على اكتشاف المجهول، ومفكرون أبدعوا في توسيع آفاق المعرفة، وأدباء سموا بالعواطف إلى ميادين النبل، وفيها أيضاً عشرات الألوف ممن أشبعوا رغبات الجماهير بالغناء والرقص والإثارة الجنسية، فهل خلد إلا أولئك العلماء الصامتون والمفكرون الصادقون، والأدباء الإنسانيون".

" ما رأيت تاريخاً صنعته الشهوات واللذات، ولكن دعاة الشهوات واللذات عندنا يزعمون أنهم يصنعون تاريخنا الحديث، فهل هم جاهلون أم متآمرون، أم جمعوا بين الجهل والتآمر.".

وفي مجال صناعة التاريخ وصانعيه يقول:

"الشباب يصنعون التاريخ بقلوبهم، والعلماء يصنعونه بعقولهم، والحكماء يصنعونه بأرواحهم، فإذا تعاون القلب والعقل والروح على صنع تاريخ، كان تاريخاً لا ينطفئ نوره، ولا تخبو ناره، وكذلك صنعنا التاريخ لأول مرة.".

كما يحلو له – رحمه الله- أن يقارن بين رجال الدعوة في الأمس واليوم، ليرى البون الشاسع بين هؤلاء وأولئك فيقول:

"جنود الدعوة الأوائل تلقوها من مصدر قوتها، وعذب معينها، لا جرم أن كانت قوة الدفع أشد ما تكون انطلاقاً، وعذوبة الشرب أصفى ما تكون نقاء، أما جنود الدعوة الأواخر فقد تلقوها من قوة يشوبها ضعف، ومعين ممزوج بكدورة، لا جرم أن كانت قوة الدفع أضعف، وصفاء العين أقل.

"جنود الدعوة الأوائل كانوا يقلون من الجدل، ويكثرون من العمل، وكانوا يبخلون بالأقوال، ويجودون بالأموال، وكان عزمهم على الجهاد مستعلناً، وأحلامهم فيه مستخفياً.

وجنود الدعوة الأواخر يكثرون الجدل، ويقلون من العمل، ويجودون بالأقوال ويبخلون بالأموال، وإعلانهم للدعوة مجلجل، وهم في الجهاد من أجلها على وجل..

لا جرم أن اختلف الأثران، مع التقاء الطريق، وتباين المنهجان، مع وحدة الهدف، "والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير".

و"أعظم مصيبة للحق في جنوده اليوم، فتور عزائمهم، وقد كانوا يكهربون الدنيا بنبضات قلوبهم".

رحمك الله يا سيدي وأستاذي العظيم، فقد عشت عظيماً، وستحشر أمة وحدك، فقد كهربت دنيانا يوم كنت بيننا، وكهربتها يوم غادرتها، وستبقى تكهربها بآرائك الثورية، وستبقى المثل الذي تدعو الأجيال لاقتفاء آثاره، والتأسي بألوان عظمته، ولئن رأيت أقزاماً، إن أفكارك لتصنع عمالقة، وتلاميذك على دربك، وأنت – يا سيدي- المنار..
رحمك الله في الأولين، ورحمك الله في الآخرين، والسلام عليك في الخالدين.

                
الهوامش
(1) كيف نكتب تاريخنا القومي: 42.
(2) نفسه: 60- 61.
(3) المصدر نفسه: 70 – 71- 72.
(4) الشهيد الأستاذ سيد قطب - في التاريخ.. فكرة ومنهاج.
(5) د. محمد عيسى هلال – النقد الأدبي الحديث – ط4- ص4 – 5.
(6) نفسه ص: 9.
(7) كيف نكتب تاريخنا القومي: 58.
(8) أنور الرفاعي وزملاؤه: النصوص التاريخية ص 62.
(9) د. السباعي - هكذا علمتني الحياة: 185.
(10) نفسه: 161.
(11) القلائد في فرائد الفوائد: 6.
(12) د. البوطي – فقه السيرة: 19.
(13) د. السباعي - هكذا علمتني الحياة: 185.
(14) المصدر نفسه: 154.
(15) د. السباعي - من روائع حضارتنا: 8.
(16) المصدر نفسه: 22.
(17) المصدر نفسه: 22.
(18) د. السباعي - السنة ومكانها في التشريع الإسلامي: 25.
...تابع القراءة

من أنا

شاب من ضمن الشباب بيحب بلده وبيعشق ترابها وبيتمني الخير لكل الناس

كلمات

يـا رب صـبِّرني وصبِّر إخوتي واكـتـب لقاءً في القريب الأسرعِ واشـف الـصدورَ وداوها من غلها وأزلْ سـخـائـمها وطهرْ وانزعِ واجـمـعْ شتات قلوبنا واحفظْ بها صـفـوَ الـوداد لأولـيائك أجمعِ يـا رب حـقـقْ جـمعنا في جنة بـجـوار فضلك في المقام الأرفعِ

الساعة الآن بتوقيت القاهرة

Cairo